لآية : " وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ " .
و هذه الآية من سورة الحَجّ 22/114
سبب التسمية :
سُميت " سورة الحج " تخليداً لدعوة الخليل إبراهيم عليه السلام حين انتهى من بناء البيت العتيق ونادى الناس لحج بيت الله الحرام فتواضعت الجبال حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض فاسمع نداءه من في الأصلاب والأرحام أجابوا النداء " لبيك اللهم لبيك " .
التعريف بالسورة هي :
1) مدنية ماعدا الآيات " 52،53،54،55 " فقد نزلت بين مكة والمدينة .
تفسير الآية : " وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ " .
فيها سبع مسائل :
المسألة الأولى : قوله تعالى : { وأذن } تقدم بيان { أذن } في سورة براءة , وأوضحنا أن معناه أعلم , وأن الله أمر نبيه إبراهيم أن ينادي في الناس بالحج , وذلك نص القرآن .
واختلفوا في كيفية النداء كيف وقعت على قولين :
أحدهما : أنه أمر به في جملة شرائع الدين , الصلاة , والزكاة , والصيام , والحج , حسبما تمهدت به ملة الإسلام التي أسسها لسانه , وأوضحها ببيانه , وختمها مبلغة تامة بمحمد في زمانه .
الثاني : أن الله أمره أن يرقى على أبي قبيس وينادي : أيها الناس , إن الله كتب عليكم الحج فحجوا , فلم تبق نفس إلا أبلغ الله نداء إبراهيم إليها , فمن لبى حينئذ حج , ومن سكت لم يكن له فيه نصيب , وربنا على ذلك مقتدر , فإن صح به الأثر استمر عقيدة واستقر , وإلا فالأول يكفي في المعنى
المسألة الثانية : قوله : { يأتوك رجالا }
قال أكثر فقهاء الأمصار : لا يفترض الحج على من ليس له زاد ولا راحلة , وهي الاستطاعة , حسبما تفسر في حديث الجوزي , وقد بينا ذلك كله في سورة آل عمران , فلا وجه لإعادته , بيد أن هذه الآية نص في أن حال الحاج في فرض الإجابة منقسمة إلى راجل وراكب , وليس عن هذا لأحد مذهب , ولا بعده في الدليل مطلب , حسبما هي عليه عند علماء المذهب , فإن الاستطاعة عندنا صفة المستطيع , وهي قائمة ببدنه , فإذا قدر يمشي وجبت عليه العبادة , وإذا عجز ووجد الزاد والراحلة وجبت عليه أيضا , وتحقق الوعد بالوجهين .
المسألة الثالثة : قوله : { وعلى كل ضامر يأتين }
يعني التي انضم جنباها من الهزال حتى أكلتها الفيافي , ورعتها المفازات , وإن كان خرج منها أوان انفصاله من بلده على بدن , فإن حرب البيداء ومعالجة الأعداء ردها هلالا , فوصفها الله بالمآل الذي انتهت عليه إلى مكة . [ ص: 281 ]
المسألة الرابعة : قوله : { يأتين }
رد الضمير إلى الإبل تكرمة لها ; لقصدها الحج مع أربابها , كما قال تعالى : { والعاديات ضبحا } في خيل الجهاد تكرمة لها حين سعت في سبيل الله .
المسألة الخامسة : قوله : { عميق } يعني بعيد , وبناء " عمق " للبعد قال الشاعر يصف قفرا :
وقاتم الأعماق خاوي المحترق
يريد بالأعماق الأبعاد ترى عليها قتاما يخترق منها جوا خاويا , وتمشي فيه كأنك وإن كنت مصعدا هاو , ولذلك يقال بئر عميقة , أي بعيدة القعر .
المسألة السادسة :
روى الدارقطني وغيره { أن النبي صلى الله عليه وسلم حج قبل الهجرة حجتين , وحج حجة الوداع ثالثة } , وظن قوم أن حجه كان على دين إبراهيم ودعوته , وإنما حج على دينه وملته تنفلا بالعبادة , واستكثارا من الطاعة , فلما جاءه فرض الحج بعد تملكه لمكة وارتفاع العوائق , وتطهير البيت , وتقديس الحرم , قدم أبا بكر ليقيم للناس حجهم , ثم أدى الذي عليه في العام الثاني , وقد قدمنا وجه تأخيره إلى حجة الوداع من قبل .
المسألة السابعة :
قال علماؤنا رحمهم الله : لما قدم الله تعالى ذكره رجالا على كل ضامر دل على أن حج الراجل أفضل من حج الراكب . وقد قال ابن عباس : إنها لحوجاء في نفسي أن أموت قبل أن أحج ماشيا , لأني سمعت الله يقول : { يأتوك رجالا وعلى كل ضامر } فبدأ بأهل الرجلة .
وقد جاء في الأخبار أن إبراهيم وعيسى حجا ماشيين , وإنما { حج النبي صلى الله عليه وسلم راكبا [ ص: 282 ] ولم يحج ماشيا } ; لأنه إن اقتدى به أهل ملته لم يقدروا , وإن قصروا عنه تحسروا , وكان بالمؤمنين رءوفا رحيما . ولعمر الله لقد طاف راكبا ليرى الناس هيئة الطواف .
سبب النزول :
لم أجد سبب لنزول الآية لهذا سأذكر سبب نزول السورة .
سبب نزول السورة :
عن أبي مالك في قوله " وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغيرِ عِلمٍ " قال : نزلت في النضر بن الحارث .
2) قال المفسرون : نزلت في أعراب كانوا يقدمون على رسول الله المدينة مهاجرين من باديتهم وكان أحدهم إذا قَدِمَ المدينة فإن صَحَّ بها ونتجت فرسه مهرا حسنا وولدت امرأته غلاما وكثر ماله وماشيته آمن به واطمأن وقال ما أصبتُ منذ دخلت في ديني هذا إلا خيرا وإن أصابه وجع المدينة وولدت امرأته جارية وأجهضت رماكه وذهب ماله وتأخرت عنه الصدقة أتاه الشيطان فقال والله ما أصبتَ منذ كنتَ على دينك هذا الا شرا فينقلب عن دينه فأنزل الله تعالى ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعبدُ اللهَ عَلى حَرفٍ )الآية وروى عطية عن أبي سعيد الخدري قال :أسلم رجل من اليهود فذهب بصره وماله وولده وتشاءم بالاسلام فأتى النبي قال إن الاسلام لا يقال فقال إني لم أصب في ديني هذا خيرا ذهب بصري ومالي وولدي فقال: يا يهودى إن الاسلام يَسبُك الرجالَ كما تَسبُك النارُ خبثَ الحديدِ والفضة والذهب قال ونزلت ومن الناس من يعبد الله على حرف .
فضل السورة :
1) عن عقبة بن عامر قال قلت يا رسول الله أفُضِّلَتْ سورة الحج على سائر القران بسجدتين ؟ قال : " نعم . فمن لم يسجدهما فلا يقرأهما " .
2) عن عمر أنه كان يسجد سجدتين في الحج قال إن هذه السورة فُضِّلَتْ على سائر السور بسجدتين ..
منقول للفائده .
بلغنا الله وإياكم الحج ونفعنا بأيامه ولياليه .
سدد الله في دروب الخير خطاي وخطاكم
عطرالورد